السبت، 12 مارس 2016

زيف العدالة:


ترد كلمة العدالة على ألسن الكثير من الناس وخصوصاً من
يمتلكون السلطة ، والتي تعني عدم الانحياز، وعدم التمييز بين
الناس على أساس الدين ، او النوع ، او اللون ، وفي الواقع
ليست هناك عدالة حقيقية يملكها الانسان ، فمنذ ان خلق الله
آدم كان له أبناء هابيل وقابيل عندما قدما قرباناً الى الله فتقبل
القربان من قابيل ، ولم يتقبله من قابيل فقتل الأخير أخيه حسداً
وظلماً منذ ذلك الوقت بدأت الجريمة والظلم وانتصار القوي ،
وبعد ان ازدادت اعداد البشرية وبنوا صرح الحضارة شرعوا
القوانين وكان أولها قانون اورنمووشنونا ولبث عشتار وقانون
حمورابي رغم ان البشر اهتموا بتشريع القوانين وحرصوا
على استقرار الحياة الا انهم لم يستطيعوا ان يكونوا منصفين



منذ ال ِقدم ، فمثلا قانون حمورابي لم يكن عادلاً في اغلب
احكامه ؛لانه ميز في الجزاء بين العبيد والاحرار والمساكين
، فعلى سبيل أمثال ان نصوص حمورابي التي تتعلق بالقتل
كانت ترتب عقوبة الإعدام على الجاني اذا كان المجنى عليه
حرا ، اما اذا كان المجنى عليه من طبقة العبيد ، او المساكين
فان الجاني يكفي ان يدفع فقط غرامة وهي قيمة العبد ، او
المسكين.
اما بالنسبة لجريمة الإهمال والاضرار بالغير:


فبالنسبة للطبيب الذي يؤدي اهماله الى تلف عضو من أعضاء
المريض تقطع يد الطبيب ان كان المجنى عليه حرا، واذا كان
عبدا فانه يكفي ان يدفع ثمن مانقص من قيمته.!
وبعد ان تلت فترة حمورابي سنين أخرى وظهرت حضارات
أخرى في اوربا التي كانت تحكمها قوانين الكنيسة اذ كان
يسود معتقد الخرافة ، اذ يتهمون النساء المتعلمات بالسحر
ويقومون بتعذيبهن بشتى الأنواع حتى يعترفن بأنهن ساحرات
، ومن ثم يُحرقن.
اما في العصر الجاهلي عند العرب فقد كانوا يدفنون الفتيات
وهن صغار دون ذنب.
وبعد ظهور الإسلام الذي جاء بالعديد من العقوبات ومنها قطع
يد السارق مهما بلغ مقدار ما سرق وهذا النوع من العقاب
يؤدي الى إقامة الحد على المستضعف الذي يسرق خلسةً من
غيره ، وبنفس الوقت يؤدي الى اعفاء كبار اللصوص
(السلاطين) من هذه العقوبة فهم يتنعمون بأموال طائلة
وقصور وخدم بأموال ليست ملكهم وليس لهم ادنى حق في
اخذها ، ومع ذلك يسرقونا بقوانين يشرعونها بايديهم ليسرقوا
بشكل قانوني انيق يبعد عنهم العقوبة ولقب السارق!
وبعد ان تطورت التشريعات وأصبحت الدول تطبق القوانين
الوضعية بدلا من النصوص الدينية ظهرت عقوبات الغرامة
والسجن والاعدام ، اما بالنسبة للسجون ففي كل عصر نجدها
مليئة بالابرياء منهم من اُحتجز فيها بتهمة كاذبة ومنهم من

احتجز فيها من دون تهمة كما هي الحال في اعتقالات المحتلين
الذين يدعون الديمقراطية واحترام حقوق الانسان للمدنيين
من منازلهم ، اما بالنسبة للابرياء المسجونين بإتهامات كاذبة
، وصفوة القول انه مهما تقدم الزمن وتطورت القوانين سيبقى
الظلم قائما وان العقوبة تنفذ على المستضعفين الذين لايملكون
المال والسلطة ، ويُترك ذو الجاه والسلطة ويبقى محترما مهما
فعل وتصفق له ايادي المنافقين حوله!
اذن كيف يمكن ان نقول بوجود العدالة على الأرض وهناك
من يسعى الى خراب دول مستقرة ويعي أهلها بسلام من اجل
السيطرة على سيادتها وثرواتها ؟!
وكيف يمكن لحكومة ان تدعي العدالة والنزاهة وقد حرمت
شعبها من ادنى حقوقه في الامن والحياة الكريمة ؟!
كيف يمكن لدولة تدعي انها ديموقراطية وتحترم الأديان
والمعتقدات وهي تضطهد من يخالف دينها وعقيدتها؟!
وكيف يمكن ان تدعي العدالة وهي تعجز عن محاسبة كبار
المفسدين فيها ، وكل حاكم فيها عاجز عن الإصلاح خوفاً على
مصلحته الشخصية ومنصبه السياسي ؟!
كيف يمكن للإنسان ان يدعي العدل ويتكلم عنه ، وهو ظالم
بطبعه ، لايعرف الانصاف خاصة اذا كان خصمه او رعيته
يخالفونه في المعتقد او اللون او النوع ؟!.

منذ ان خلق الله الأرض وحتى الان كان النصر والقوة ولا
يزال للظاللم القوي سواء كان دولة ، ام فردا.
لذا فالعدل سمة في الاله فقط وليست موجودة في الانسان
فهو من خلق الكون وفق قانون ونظام ثابت لايختَل ابدا ،
وخلق البشر وجعل حياتهم وسلوكهم تسير وفق قانون وقوى
خفية تحكم سلوكهم كلما خالفوه رأوا نتائجه السيئة واضراره
امامهم ، وعدل الله في حكمه يشمل جميع البشر صغيرهم
وكبيرهم حكامهم وعبيدهم ن اثريائهم وفقرائهم.
لذا لامالك للعدل غير الله.
وكل ميزان يوضع شعاراً للعدل فهو زائف.

هناك تعليقان (2):